بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ . سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ ابْنُ تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي الِاعْتِقَادِ وَمَذْهَبِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ؟ مَا الصَّوَابُ مِنْهُمَا ؟ وَمَا تَنْتَحِلُونَهُ أَنْتُمْ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ ؟ وَفِي أَهْلِ الْحَدِيثِ : هَلْ هُمْ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ غَيْرِهِمْ ؟ وَهَلْ هُمْ الْمُرَادُونَ بِالْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ ؟ وَهَلْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ عُلُومٌ جَهِلُوهَا وَعَلِمَهَا غَيْرُهُمْ ؟ .
إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُخَالِفِينَ لِلرُّسُلِ : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ } وَقَالَ تَعَالَى : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ } إلَى قَوْلِهِ : { وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ . وَإِذَا كَانَتْ " سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " هِيَ بِاتِّبَاعِ الْمُرْسَلِينَ . فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِذَلِكَ : هُمْ أَعْلَمُهُمْ بِآثَارِ الْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَعُهُمْ لِذَلِكَ فَالْعَالِمُونَ بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ الْمُتَّبِعُونَ لَهَا هُمْ أَهْلُ السَّعَادَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَهُمْ الطَّائِفَةُ النَّاجِيَةُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ . فَإِنَّهُمْ يُشَارِكُونَ سَائِرَ الْأُمَّةِ فِيمَا عِنْدَهُمْ مِنْ أُمُورِ الرِّسَالَةِ وَيَمْتَازُونَ عَنْهُمْ بِمَا اُخْتُصُّوا بِهِ مِنْ الْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنْ الرَّسُولِ ; مِمَّا يَجْهَلُهُ غَيْرُهُمْ أَوْ يُكَذِّبُ بِهِ . وَالرُّسُلُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - عَلَيْهِمْ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ وَقَدْ بَلَّغُوا الْبَلَاغَ الْمُبِينَ . وَخَاتَمُ الرُّسُلِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَلَ اللَّهُ كِتَابَهُ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ; فَهُوَ الْأَمِينُ عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ وَقَدْ بَلَّغَ أَبْيَنَ الْبَلَاغِ وَأَتَمَّهُ وَأَكْمَلَهُ وَكَانَ أَنْصَحَ الْخَلْقِ لِعِبَادِ اللَّهِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَعَبَدَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ . فَأَسْعَدُ الْخَلْقِ وَأَعْظَمُهُمْ نَعِيمًا وَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً : أَعْظَمُهُمْ اتِّبَاعًا وَمُوَافَقَةً لَهُ عِلْمًا وَعَمَلًا . وَأَمَّا غَيْرُ أَتْبَاعِهِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ ; فَالْكَلَامُ فِي أَقْيِسَتِهِمْ الَّتِي هِيَ حُجَجُهُمْ وَبَرَاهِينُهُمْ عَلَى مَعَارِفِهِمْ وَعُلُومِهِمْ وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ ; مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفَلَاسِفَةِ . فَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَاسِعٌ لَا يَنْضَبِطُ هُنَا لَكِنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ : أَنَّ الْفَلَاسِفَةَ والمتكلمين مِنْ أَعْظَمِ بَنِي آدَمَ حَشْوًا وَقَوْلًا لِلْبَاطِلِ وَتَكْذِيبًا لِلْحَقِّ فِي مَسَائِلِهِمْ وَدَلَائِلِهِمْ ; لَا يَكَادُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - تَخْلُو لَهُمْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ ذَلِكَ . وَأَذْكُرُ أَنِّي قُلْت مَرَّةً لِبَعْضِ مَنْ كَانَ يَنْتَصِرُ لَهُمْ مِنْ الْمَشْغُوفِينَ بِهِمْ - وَأَنَا إذْ ذَاكَ صَغِيرٌ قَرِيبُ الْعَهْدِ مِنْ الِاحْتِلَامِ - كُلُّ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ فَفِيهِ بَاطِلٌ إمَّا فِي الدَّلَائِلِ وَإِمَّا فِي الْمَسَائِلِ إمَّا أَنْ يَقُولُوا مَسْأَلَةً تَكُونُ حَقًّا لَكِنْ يُقِيمُونَ عَلَيْهَا أَدِلَّةً ضَعِيفَةً وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ بَاطِلًا . فَأَخَذَ ذَلِكَ الْمَشْغُوفُ بِهِمْ يُعَظِّمُ هَذَا وَذَكَرَ " مَسْأَلَةَ التَّوْحِيدِ " فَقُلْت : التَّوْحِيدُ حَقٌّ . لَكِنْ اُذْكُرْ مَا شِئْت مِنْ أَدِلَّتِهِمْ الَّتِي تَعْرِفُهَا حَتَّى أَذْكُرَ لَك مَا فِيهِ . فَذَكَرَ بَعْضَهَا بِحُرُوفِهِ حَتَّى فَهِمَ الْغَلَطَ وَذَهَبَ إلَى ابْنِهِ - وَكَانَ أَيْضًا مِنْ الْمُتَعَصِّبِينَ لَهُمْ - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ قَالَ فَأَخَذَ يُعَظِّمُ ذَلِكَ عَلِيٌّ فَقُلْت : أَنَا لَا أَشُكُّ فِي التَّوْحِيدِ وَلَكِنْ أَشُكُّ فِي هَذَا الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ . وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ أُمُورٌ : - أَحَدُهَا : أَنَّك تَجِدُهُمْ أَعْظَمَ النَّاسِ شَكًّا وَاضْطِرَابًا وَأَضْعَفَ النَّاسِ عِلْمًا وَيَقِينًا وَهَذَا أَمْرٌ يَجِدُونَهُ فِي أَنْفُسِهِمْ وَيَشْهَدُهُ النَّاسُ مِنْهُمْ وَشَوَاهِدُ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ هُنَا . وَإِنَّمَا فَضِيلَةُ أَحَدِهِمْ بِاقْتِدَارِهِ عَلَى الِاعْتِرَاضِ وَالْقَدْحِ وَالْجَدَلِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ : أَنَّ الِاعْتِرَاضَ وَالْقَدْحَ لَيْسَ بِعِلْمِ وَلَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَأَحْسَنُ أَحْوَالِ صَاحِبِهِ : أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِّيِّ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ . وَلِهَذَا تَجِدُ غَالِبَ حُجَجِهِمْ تَتَكَافَأُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمْ يَقْدَحُ فِي أَدِلَّةِ الْآخَرِ . وَقَدْ قِيلَ : إنَّ الْأَشْعَرِيَّ - مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إلَى السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَأَعْلَمِهِمْ بِذَلِكَ - صَنَّفَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ كِتَابًا فِي تَكَافُؤِ الْأَدِلَّةِ يَعْنِي أَدِلَّةَ [ عِلْمِ ] الْكَلَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ صِنَاعَتُهُ الَّتِي يُحْسِنُ الْكَلَامَ فِيهَا وَمَا زَالَ أَئِمَّتُهُمْ يُخْبِرُونَ بِعَدَمِ الْأَدِلَّةِ وَالْهَدْيِ فِي طَرِيقِهِمْ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ أَكْثَرُ النَّاسِ شَكًّا عِنْدَ الْمَوْتِ أَهْلُ الْكَلَامِ " . وَهَذَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرازي مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ - بَابِ الْحِيرَةِ وَالشَّكِّ وَالِاضْطِرَابِ - لَكِنْ هُوَ مُسْرِفٌ فِي هَذَا الْبَابِ ; بِحَيْثُ لَهُ نَهْمَةٌ فِي التَّشْكِيكِ دُونَ التَّحْقِيقِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ ; فَإِنَّهُ يُحَقِّقُ شَيْئًا وَيَثْبُتُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْحَقِّ لَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يَثْبُتُ عَلَى بَاطِلٍ مَحْضٍ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نَوْعٍ مِنْ الْحَقِّ . وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَبْرَعِهِمْ فِي الْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ : ابْنُ وَاصِلٍ الحموي كَانَ يَقُولُ : " أَسْتَلْقِي عَلَى قَفَايَ وَأَضَعُ الْمِلْحَفَةَ عَلَى نِصْفِ وَجْهِي ثُمَّ أَذْكُرُ الْمَقَالَاتِ وَحُجَجَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ وَاعْتِرَاضَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدِي شَيْءٌ " وَلِهَذَا أَنْشَدَ الخطابي . حُجَجٌ تَهَافَتْ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا حَقًّا ; وَكُلٌّ كَاسِرٌ مَكْسُورُ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالُ حُجَجِهِمْ فَأَيُّ لَغْوٍ بَاطِلٍ وَحَشْوٍ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا ؟ وَكَيْفَ يَلِيقُ بِمِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَنْسُبُوا [ إلَى الْحَشْوِ ] أَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ ؟ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ عِلْمًا وَيَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً وَسَكِينَةً ; وَهُمْ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ; وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ ; وَهُمْ بِالْحَقِّ يُوقِنُونَ لَا يَشُكُّونَ وَلَا يَمْتَرُونَ . فَأَمَّا مَا أُوتِيَهُ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَخَوَاصُّهُمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْهُدَى : فَأَمْرٌ يَجِلُّ عَنْ الْوَصْفِ . وَلَكِنْ عِنْدَ عَوَامِّهِمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَئِمَّةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ . وَهَذَا ظَاهِرٌ مَشْهُودٌ لِكُلِّ أَحَدٍ . غَايَةُ مَا يَقُولُهُ أَحَدُهُمْ : أَنَّهُمْ جَزَمُوا بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَصَمَّمُوا بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَإِنَّمَا مَعَهُمْ التَّقْلِيدُ . وَهَذَا الْقَدْرُ قَدْ يَكُونُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْعَامَّةِ . لَكِنَّ جَزْمَ الْعِلْمِ غَيْرُ جَزْمِ الْهَوَى . فَالْجَازِمُ بِغَيْرِ عِلْمٍ يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا جَزَمَ بِهِ وَالْجَازِمُ بِعِلْمِ يَجِدُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ ; إذْ كَوْنُ الْإِنْسَانِ عَالِمًا وَغَيْرَ عَالِمٍ مِثْلَ كَوْنِهِ سَامِعًا وَمُبْصِرًا وَغَيْرَ سَامِعٍ وَمُبْصِرٍ فَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ : مِثْلَ مَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ كَوْنَهُ مُحِبًّا وَمُبْغِضًا وَمُرِيدًا وَكَارِهًا ; وَمَسْرُورًا وَمَحْزُونًا ; وَمُنَعَّمًا وَمُعَذَّبًا ; وَغَيْرَ ذَلِكَ . وَمَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ يَعْلَمُ مَعَ كَوْنِهِ يَعْلَمُ - فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ عَلِمَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَذَلِكَ نَظِيرُ مَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ سَمِعَ وَرَأَى ; أَوْ جَزَمَ بِأَنَّهُ سَمِعَ وَرَأَى مَا لَمْ يَسْمَعْهُ وَيَرَاهُ . وَالْغَلَطُ أَوْ الْكَذِبُ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ طَرَفَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ لَكِنَّ هَذَا الْغَلَطَ أَوْ الْكَذِبَ الْعَارِضَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ جَازِمًا بِمَا لَا يَشُكُّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَجْزِمُ بِمَا يَجِدُهُ مِنْ الطُّعُومِ والأراييح وَإِنْ كَانَ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الِانْحِرَافِ مَا يَجِدُ بِهِ الْحُلْوَ مُرًّا . فَالْأَسْبَابُ الْعَارِضَةُ لِغَلَطِ الْحِسِّ الْبَاطِنِ أَوْ الظَّاهِرِ وَالْعَقْلِ : بِمَنْزِلَةِ الْمَرَضِ الْعَارِضِ لِحَرَكَةِ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ وَالْأَصْلُ هُوَ الصِّحَّةُ فِي الْإِدْرَاكِ وَفِي الْحَرَكَةِ . فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ عِبَادَهُ عَلَى الْفِطْرَةِ . وَهَذِهِ الْأُمُورُ يُعْلَمُ الْغَلَطُ فِيهَا بِأَسْبَابِهَا الْخَاصَّةِ ; كَالْمُرَّةِ الصَّفْرَاءِ الْعَارِضَةِ لِلطَّعْمِ وَكَالْحَوَلِ فِي الْعَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ عَلَى مَا يَجْزِمُ بِهِ وَجَدَ أَكْثَرَ النَّاسِ الَّذِينَ يَجْزِمُونَ بِمَا لَا يُجْزَمُ بِهِ إنَّمَا جَزْمُهُمْ لِنَوْعِ مِنْ الْهَوَى كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } وَقَالَ : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ } . وَلِهَذَا تَجِدُ الْيَهُودَ يُصَمِّمُونَ وَيُصِرُّونَ عَلَى بَاطِلِهِمْ لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ الْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَالْقَسْوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَهْوَاءِ . وَأَمَّا النَّصَارَى فَأَعْظَمُ ضَلَالًا مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا فِي الْعَادَةِ وَالْأَخْلَاقِ أَقَلَّ مِنْهُمْ شَرًّا فَلَيْسُوا جَازِمِينَ بِغَالِبِ ضَلَالِهِمْ بَلْ عِنْدَ الِاعْتِبَارِ تَجِدُ مَنْ تَرَكَ الْهَوَى مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ وَنَظَرَ نَوْعَ نَظَرٍ تَبَيَّنَ لَهُ الْإِسْلَامُ حَقًّا . وَالْمَقْصُودُ هُنَا : أَنَّ مَعْرِفَةَ الْإِنْسَانِ بِكَوْنِهِ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ : مَرْجِعُهُ إلَى وُجُودِ نَفْسِهِ عَالِمَةً . وَلِهَذَا لَا نَحْتَجُّ عَلَى مُنْكِرِ الْعِلْمِ إلَّا بِوُجُودِنَا نُفُوسَنَا عَالِمَةً ; كَمَا احْتَجُّوا عَلَى مُنْكِرِي الْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِأَنَّا نَجِدُ نُفُوسَنَا عَالِمَةً بِذَلِكَ وَجَازِمَةً بِهِ كَعِلْمِنَا وَجَزْمِنَا بِمَا أَحْسَسْنَاهُ . وَجَعَلَ الْمُحَقِّقُونَ وُجُودَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ [ مِنْ ] الْأَخْبَارِ هُوَ الضَّابِطُ فِي حُصُولِ التَّوَاتُرِ ; إذْ لَمْ يَحُدُّوهُ بِعَدَدِ وَلَا صِفَةٍ ; بَلْ مَتَى حَصَلَ الْعِلْمُ كَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرَ . وَالْإِنْسَانُ يَجِدُ نَفْسَهُ عَالِمَةً وَهَذَا حَقٌّ . فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَدِلَّ الْإِنْسَانُ عَلَى كَوْنِهِ عَالِمًا بِدَلِيلِ فَإِنَّ عِلْمَهُ بِمُقَدِّمَاتِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَجِدَ نَفْسَهُ عَالِمَةً بِهَا فَلَوْ احْتَاجَ عِلْمُهُ بِكَوْنِهِ عَالِمًا إلَى دَلِيلٍ أَفْضَى إلَى الدَّوْرِ أَوْ التَّسَلْسُلِ ; وَلِهَذَا لَا يُحِسُّ الْإِنْسَانُ بِوُجُودِ الْعِلْمِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ إنْ كَانَ بَدِيهِيًّا ; أَوْ إنْ كَانَ نَظَرِيًّا إذَا عَلِمَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ . وَبِهَذَا اُسْتُدِلَّ عَلَى مُنْكِرِي إفَادَةِ النَّظَرِ الْعِلْمَ وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ . فَالْغَرَضُ : أَنَّ مَنْ نَظَرَ فِي دَلِيلٍ يُفِيدُ الْعِلْمَ وَجَدَ نَفْسَهُ عَالِمَةً عِنْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ الدَّلِيلِ كَمَا يَجِدُ نَفْسَهُ سَامِعَةً رَائِيَةً عِنْدَ الِاسْتِمَاعِ لِلصَّوْتِ وَالتَّرَائِي لِلشَّمْسِ أَوْ الْهِلَالِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . وَالْعِلْمُ يَحْصُلُ فِي النَّفْسِ كَمَا تَحْصُلُ سَائِرُ الْإِدْرَاكَاتِ وَالْحَرَكَاتِ بِمَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ مِنْ الْأَسْبَابِ وَعَامَّةِ ذَلِكَ بِمَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى . فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُنْزِلُ بِهَا عَلَى قُلُوبِ عِبَادِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُوَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ . وَلِهَذَا { قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانِ : اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } " وَقَالَ تَعَالَى : { كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِلَ إلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْ الْقَضَاءَ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ } " وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : " كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ " وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْضًا : " إنَّ لِلْمَلَكِ لَمَّةً وَلِلشَّيْطَانِ لَمَّةً فَلَمَّةُ الْمَلَكِ : إيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ . وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ إيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ " وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ هُوَ مَحْفُوظٌ عَنْهُ وَرُبَّمَا رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهُوَ كَلَامٌ جَامِعٌ لِأُصُولِ مَا يَكُونُ مِنْ الْعَبْدِ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ مِنْ شُعُورٍ وَإِرَادَةٍ . وَذَلِكَ : أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ قُوَّةُ الشُّعُورِ وَالْإِحْسَاسِ وَالْإِدْرَاكِ وَقُوَّةُ الْإِرَادَةِ وَالْحَرَكَةِ وَإِحْدَاهُمَا أَصْلُ الثَّانِيَةِ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا . وَالثَّانِيَةُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْأُولَى وَمُكَمِّلَةٌ لَهَا . فَهُوَ بِالْأُولَى يُصَدِّقُ بِالْحَقِّ وَيُكَذِّبُ بِالْبَاطِلِ وَبِالثَّانِيَةِ يُحِبُّ النَّافِعَ الْمُلَائِمَ لَهُ ; وَيُبْغِضُ الضَّارَّ الْمُنَافِيَ لَهُ . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ عِبَادَهُ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي فِيهَا مَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ الْبَاطِلِ وَالتَّكْذِيبُ بِهِ وَمَعْرِفَةُ النَّافِعِ الْمُلَائِمِ وَالْمَحَبَّةُ لَهُ وَمَعْرِفَةُ الضَّارِّ الْمُنَافِي وَالْبُغْضُ لَهُ بِالْفِطْرَةِ . فَمَا كَانَ حَقًّا مَوْجُودًا صَدَّقَتْ بِهِ الْفِطْرَةُ وَمَا كَانَ حَقًّا نَافِعًا عَرَفَتْهُ الْفِطْرَةُ فَأَحَبَّتْهُ وَاطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ . وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَمَا كَانَ بَاطِلًا مَعْدُومًا كَذَّبَتْ بِهِ الْفِطْرَةُ فَأَبْغَضَتْهُ الْفِطْرَةُ فَأَنْكَرَتْهُ . قَالَ تَعَالَى : { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ } . وَالْإِنْسَانُ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ : " { أَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ حَارِثٌ وَهَمَّامٌ } " فَهُوَ دَائِمًا يَهُمُّ وَيَعْمَلُ لَكِنَّهُ لَا يَعْمَلُ إلَّا مَا يَرْجُو نَفْعَهُ أَوْ دَفْعَ مَضَرَّتِهِ وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الرَّجَاءُ مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِقَادٍ بَاطِلٍ إمَّا فِي نَفْسِ الْمَقْصُودِ : فَلَا يَكُونُ نَافِعًا وَلَا ضَارًّا وَإِمَّا فِي الْوَسِيلَةِ : فَلَا تَكُونُ طَرِيقًا إلَيْهِ . وَهَذَا جَهْلٌ . وَقَدْ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ يَضُرُّهُ وَيَفْعَلُهُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ وَيَتْرُكُهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ الْعِلْمَ عَارَضَهُ مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ طَلَبِ لَذَّةٍ أُخْرَى أَوْ دَفْعِ أَلَمٍ آخَرَ جَاهِلًا ظَالِمًا حَيْثُ قَدَّمَ هَذَا عَلَى ذَاكَ . وَلِهَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : " سَأَلْت أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ } ؟ فَقَالُوا . كُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ وَكُلُّ مَنْ تَابَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَقَدْ تَابَ مِنْ قَرِيبٍ " . وَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ لَا يَتَحَرَّكُ إلَّا رَاجِيًا . وَإِنْ كَانَ رَاهِبًا خَائِفًا لَمْ يَسْعَ [ إلَّا ] فِي النَّجَاةِ وَلَمْ يَهْرُبْ [ إلَّا ] مِنْ الْخَوْفِ فَالرَّجَاءُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَا يُلْقَى فِي نَفْسِهِ مِنْ الْإِيعَادِ بِالْخَيْرِ الَّذِي هُوَ طَلَبُ الْمَحْبُوبِ أَوْ فَوَاتُ الْمَكْرُوهِ فَكُلُّ بَنِي آدَمَ لَهُ اعْتِقَادٌ ; فِيهِ تَصْدِيقٌ بِشَيْءِ وَتَكْذِيبٌ بِشَيْءِ وَلَهُ قَصْدٌ وَإِرَادَةٌ لِمَا يَرْجُوهُ مِمَّا هُوَ عِنْدَهُ مَحْبُوبٌ مُمْكِنُ الْوُصُولِ إلَيْهِ أَوْ لِوُجُودِ الْمَحْبُوبِ عِنْدَهُ ; أَوْ لِدَفْعِ الْمَكْرُوهِ عَنْهُ . وَاَللَّهُ خَلَقَ الْعَبْدَ يَقْصِدُ الْخَيْرَ فَيَرْجُوهُ بِعَمَلِهِ فَإِذَا كَذَّبَ بِالْحَقِّ فَلَمْ يُصَدِّقْ بِهِ وَلَمْ يَرْجُ الْخَيْرَ فَيَقْصِدَهُ وَيَعْمَلَ لَهُ : كَانَ خَاسِرًا بِتَرْكِ تَصْدِيقِ الْحَقِّ وَطَلَبِ الْخَيْرِ فَكَيْفَ إذَا كَذَّبَ بِالْحَقِّ وَكَرِهَ إرَادَةَ الْخَيْرِ ؟ فَكَيْفَ إذَا صَدَّقَ بِالْبَاطِلِ وَأَرَادَ الشَّرَّ ؟ فَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ لِقَلْبِ ابْنِ آدَمَ لَمَّةً مِنْ الْمَلَكِ وَلَمَّةً مِنْ الشَّيْطَانِ فَلَمَّةُ الْمَلَكِ تَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ وَهُوَ مَا كَانَ [ مِنْ ] غَيْرِ جِنْسِ الِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ وَ [ لَمَّةُ الشَّيْطَانِ ] هُوَ تَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ إرَادَةِ الشَّرِّ وَظَنِّ وُجُودِهِ : إمَّا مَعَ رَجَائِهِ إنْ كَانَ مَعَ هَوَى نَفْسٍ وَإِمَّا مَعَ خَوْفِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْبُوبٍ لَهَا . وَكُلٌّ مِنْ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ . فَمَبْدَأُ الْعِلْمِ الْحَقِّ وَالْإِرَادَةِ الصَّالِحَةِ : مِنْ لَمَّةِ الْمَلَكِ . وَمَبْدَأُ الِاعْتِقَادِ الْبَاطِلِ وَالْإِرَادَةِ الْفَاسِدَةِ : مِنْ لَمَّةِ الشَّيْطَانِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا } وَقَالَ تَعَالَى : { إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } أَيْ : يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ } . وَالشَّيْطَانُ وَسْوَاسٌ خَنَّاسٌ إذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ فَإِذَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ وَسْوَسَ فَلِهَذَا كَانَ تَرْكُ ذِكْرِ اللَّهِ سَبَبًا وَمَبْدَأً لِنُزُولِ الِاعْتِقَادِ الْبَاطِلِ وَالْإِرَادَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الْقَلْبِ وَمِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى : تِلَاوَةُ كِتَابِهِ وَفَهْمُهُ وَمُذَاكَرَةُ الْعِلْمِ كَمَا قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : " وَمُذَاكَرَتُهُ تَسْبِيحٌ " .